يحتل الإعلام موقعاً متميزاً ومكانة بارزة بصفته أهم المنابر الداعية إلى الحفاظ على البيئة، وكونه الوسيلة الأمثل في النفاذ إلى شرائح المجتمع كافة، ومخاطبتهم إلى المبادرة بحماية البيئة والحد من تلوثها. ومن الأهمية بمكان أن تولي وسائل الإعلام المختلفة قضايا البيئة اهتماماً واسعاً، بهدف تكوين وعي بيئي لدى الجمهور، بضرورة المحافظة على سلامة البيئة من مخاطر التلوث، لكي تبقى البيئة مأوىً سليماً للإنسان.
لقد ساهم التطور الواسع في وسائل الإعلام وتقنيات المعلومات في سرعة نقل وتبادل المعلومات التي تساهم في زيادة الوعي بقضايا البيئة، فلم تكن قضية البيئة متداولة في وسائل الإعلام خلال العقود الماضية وكما هو حاصل في هذه الأيام، ولكنها بدأت تحتل مساحة مهمة في الأعمدة الرئيسة في المطبوعات الصحفية منذ عقد السبعينيات من القرن العشرين، كما أبدت وسائل الإعلام المختلفة اهتمامها البالغ بقضايا البيئة، بسبب الحوادث المتتالية والكوارث البيئية التي انتشرت في العديد من دول العالم، مثل تفجر المفاعلات النووية وحرائق آبار النفط وتحطم ناقلات النقط في مياه البحار، واستخدام المواد الكيماوية الضارة في تصنيع الذخائر الحية، وتأثيراتها على الإنسان أثناء الحروب والنزاعات المسلحة، والتخلص من النفايات الضارة للمواد المشعة، وغيرها من المخاطر المحدقة بحياة الإنسان.
ولا بد أن تضع وسائل الإعلام قضايا البيئة في أولويات اهتماماتها، وتخصص مساحة كافية لقضايا البيئة المختلفة، وأن يبادر القائمون على الوسائل الإعلامية في حث الكتاب والمثقفين للمساهمة بالكتابة عن هذه الظاهرة المهمة والخطيرة في الوقت نفسه، بهدف إشاعة الوعي البيئي ومتابعة قضايا البيئة، بحكم أن أهمية الكتابة عن البيئة تنبع من أهمية البيئة نفسها، بصفتها الوسط الذي يعيش فيه الإنسان ولأنها تتناول مواضيع تثير الاهتمام في الوقت الحاضر في كافة بلدان العالم، لاسيما في دول العالم الثالث ومنها الوطن العربي، كما يمكن أن يقوم الإعلام البيئي بمهمات عديدة من خلال عملية التوعية والتثقيف والإرشاد في مجال حماية البيئة. ودرء أخطار التلوث ودفع عجلة التنمية بأقل ما يمكن من الأضرار، يتطلب وجود إعلام بيئي متخصص يتناول قضايا البيئة، يوظف وسائل الاتصال وتقنيات المعلومات الحديثة والمتطورة في التركيز على البيئة، ويكشف عن مدى اهتمام وسائل الإعلام بالبيئة، من خلال المساحة المخصصة لبرامج البيئة في وسائل الإعلام المختلفة، مع مراعاة التركيز على نوعية المعالجة المتميزة التي تلفت انتباه الجمهور المستهدف من هذه البرامج، فضلاً عن استخدام الصور التوضيحية الحية خلال عرض ونشر برامج الإعلام البيئي، وهذا يعني ضرورة إتباع منهجية علمية موضوعية يمكن أن تسهم في معالجة قضايا البيئة التي تبثها وسائل الإعلام حسب البرامج الإعلامية التي تتناولها، وقضايا البيئية التي يتم التركيز عليها من جهة هذه الوسائل.
إن تعرض وسائل الإعلام لقضايا البيئة، لم يكن له وجود واسع وبارز في هذه الوسائل، لاسيما في المطبوعات الصحفية، على الرغم من أن هذه القضية أصبحت من أولويات القضايا الإعلامية المهمة، إذ برز في مجال علم الإعلام إعلام تخصصي نوعي هو الإعلام البيئي. وتأتي أهمية الإعلام البيئي من كونه ينطلق من قاعدة الاهتمام بالإعلام التخصصي، وما يقدمه هذا النوع من الإعلام، من مهمات كبيرة في قضايا التوعية والتثقيف والإرشاد في مجال حماية البيئة، وتسليط الأضواء لتكوين وعي بيئي من خلال وسائل الإعلام المختلفة، والدور الحيوي الذي تقوم به المطبوعات الصحفية في هذا المجال على وجه التحديد.
إن قضية البيئة لا تحظي بالاهتمام الكافي والبارز في وسائل الإعلام، على الرغم من أن هذه القضية أصبحت من أهم القضايا الإعلامية، وبرز اهتمام واسع بها على الصعيدين العربي والعالمي، وتضع العديد من وسائل الإعلام العربية والعالمية قضايا البيئة في مراكز اهتمامها، إذ تخصص لها مساحات واسعة في صفحاتها بهدف إشاعة الوعي البيئي ومتابعة قضايا البيئة.
ولا بد من معرفة حدود الاستعانة بوسائل الإعلام في تناول قضايا البيئة، ومدى الاستفادة من تطبيق الفنون الصحفية المختلفة لإبراز قضايا البيئة من خلال صفحات المطبوعات الصحفية، والمساحة التي تشغلها قضايا البيئة في صفحاتها، وكيفية الاهتمام الذي أبدته هذه الصحف في تكريس الفنون الصحيفة المختلفة لمعالجة قضايا البيئة، مع التعرف على القوالب والأشكال التي جاءت بها معالجة مثل هذه المواضيع، فضلاً عن التعرف على مدى الاهتمام باستخدام الصورة الصحفية بأنواعها المختلفة، بهدف تعزيز الوعي البيئي.